لكلٍ منا قصته في زمن الكورونا. ورواية الواحد منا أكثر اثارة وطرافة من رواية الآخر.
فهذا دخل لحجر صحي وأبى ان يفعل ذلك وحدهُ فسحب معه العشرات الذين التقاهم في سهرة ابدع فيها بمعانقة الناس ومصافحتهم. وتلك قبعت في حجر صحي لعدة مرات بسبب سفرها للخارج، وكانت مراجعات الشرطة للتأكد من الامتثال للتعليمات مصدر للطرافة … فشر البليّة ما يضحك. وهذا قضى السنة الدراسية الجامعية او التعليمية الثانوية “على الزوم” ملحّفًا مرتديّا البيجاما المرقّطة وهو نصف نائم…
ويتبادل الناس الاختبارات والمشاركات الطريفة حول فترات الاغلاق والكمامات وفحوصات الكورونا من الانف وقضاء الأوقات الطويلة في اعتكاف قسري في البيوت والزوم وأنواع الكمامات وغيرها. وللأسف لا يلطّف مرارة عودة موجات الكورونا بحلّة الطفرة الجديدة “الالفا” و”الالفا بلوس” غير هذه الأحاديث.
ولكن رغم ذلك أتساءل- هل نسأل أنفسنا أسئلة ابعد من مجرد أحاديث طريفة او حتى تذمر عن الحال او حتى عن محاولات التكيّف مع الوضع الجديد- ماليًا او اجتماعيًا. أتساءل ان كانت التغييرات التي فُرِضَت علينا قد أحدَثت تغييرًا في فكرنا بما يتعلق بالخالق، وبالتالي في نظرتنا او فلسفتنا للحياة وبالنتيجة في عاداتنا اليومية او نمط الحياة.
لقد صعق فيروس لا يُرى بالعين المجرّدة العالم بأسره، فحبس تقريبًا كل البشرية في غرف مغلقة. لقد تقزّم الانسان الذي صرخ سابقًا مجازيًا: “يا ارض اشتدي، ما عليكِ قدّي…”. لقد كانت ضربة قاسية في صميم شموخ ومجد الانسان. ان الانسان الذي اعتبر نفسه قاب قوسين او أدنى من سبر غور اسرار الكون وقف عاجزًا امام فيروس “شرّف” العالم عن طريق وطواط في سوق واهان في الصين.
لكن هل اتعظّ الانسان اذ رأى بأم عينيه ما هو حجمه وقدر الجنس البشري أم انهُ اعتبَر الجائحة مجرد دعابة من العِيّار الثقيل؟
ان المنطق يحتّم على الانسان ان يكوّن ارائه على أساس ما يختبره وتجربة الجائحة لا يمكن التغاضي عنها واعتبارها امرًا عابرًا.
حين خلق الله الانسان، قصد ان تكون له علاقه حميمة معه. للأسف انحرف آدم عن هذا المسار وأخطأ تجاه الله ومعه كل الجنس البشري وانقطعت تلك العلاقة. لقد اعادها الرب ورممها بموت ابنه على الصليب فصالح السماء مع الأرض. واحترامًا لإرادته الحرة- ترك الله للإنسان الحرية الكاملة لاستعادة تلك العلاقة او رفضها. ان مسرّة قلب الله ان يختار الانسان بدافع المحبة لله ان يلتصق بالله ويبني علاقة معه. ان ذلك أفضل الاحتمالات: اختيار واعي ودون اكراه او تحت ضغط الظروف للرجوع لله. لكن للأسف احيانًا كثيرة يحجم الانسان عن ذلك. فهو يتغنى باستقلاله عن الله ويعتبر نفسه بغنى عن اي علاقة مع الله.
غير ان الجائحة أظهرت للقاصي والداني ان الانسان عاجز فوجّهت الأنظار تجاه العلى.
اليس من المفروض ان الانسان يراجع نفسه ويستخلص النتائج من اختباره مع الجائحة المستمرة، وليس فقط مشاركاته الطريفة او خطوات التكيّف مع الحال الجديد؟